بمدينة الرشيدية التي أطلق اسمها تيمنا بميلاد السمو الملكي مولاي رشيد، وبالضبط بحي القدس الذي اتخذ بدوره هذه التسمية من باب الوفاء والإخلاص للقضية الفلسطينية حيث القدس الأقصى أولى القبلتين، تعيش العديد من أسر شهداء حرب الصحراء التي ضحى معيلوها بأرواحهم كأقدس حق في الوجود من أجل استرجاع الأقاليم الجنوبية بما فيها ومن عليها …
أسر تتكون من أرامل أغلبهن جاوزن السبعين من العمر تنخر أجسادهن أمراض مزمنة وأيتام حالهم وأوضاعهم تبكي الحجر بسبب ما تعرضت له هذه الأسر من تهميش وإهمال منذ سقوط الشهداء بساحات المعارك ضد أعداء وخصوم وحدتنا الترابية، أوضاع لا يمكن وصفها إلا بالمأساة … رغم أن المرحوم الحسن الثاني ما فتئ يؤكد على العناية بأسر الشهداء وتحسين أوضاعها وأن الجندي بإمكانه خوض الحرب وهو مطمئن على أسرته.


فإذا كانت قبور شهدائنا متناثرة عبر صحرائنا الواسعة، حيث لا يعرف أغلب أبناء الشهداء قبور آبائهم، فالملاحظ أن حي القدس الذي يعد من أقدم الأحياء بالمدار الحضري بمدينة الرشيدية بدوره يبقى في نظرنا كمهتمين بالشأن العام وبمأساة هذه الأسر يبقى شبيها بمقبرة تضم بقايا وأشلاء الشهداء تم تناسيها لأزيد من أربعين سنة
فالأسر، الأرامل خاصة في شيخوختهن تشتكين منعدم توفير أبسط ضروريات العيش الكريم لهن ولأيتامهن تكريما واعترافا بما قدمه الشهداء للوطن. فالحي كما عبرت عن ذلك العديد من الأسر غارق في الظلام حيث لا مجال للحديث عن الإنارة العمومية وكذا مرفق النظافة حيث الأزبال متراكمة في أي مكان بشكل يزكم الأنوف والأتربة والغبار تغطي الحي مما يسبب العديد من الأمراض لساكنة الحي.


فالحي المذكور للأسف لا يبعد عن الطريق الرئيسية في اتجاه مدينة مكناس إلا بأمتار معدودة تجعله باديا للعيان، إلا أن من حملوا تسيير شؤون المدينة ومن كلفوا برعاية هذه الأسر اجتماعيا وتقديم كل أشكال الدعم لها نفسيا واجتماعيا قد جعلوا الحي بساكنته في الزاوية العمياء من بصرهم …
فإلى متى سيستمر ها الجحود والنكران لأسر تحظى في العديد من البلدان بما فيها خصوم وحدتنا الترابية بمكانة خاصة؟

بقلم العيرج ابراهيم
ابن شهيد حرب الصحراء المغربية