نساء من تاريخ المغرب 

صورة قد يراها البعض عادية لكنها في الحقيقة صورة تحمل من الرمزية و القوة ما يجعلها  جزء من تاريخ أسود للدولة صورة ستظل تخلد مأساة 30ألف شهيد و آلاف الأيتام و الأرامل.. الصورة تجمع سيدتين من منطقتين مختلفتين من المغرب لا تجمعهما قرابة ولا نسب..و جمعتهما في يوم مميز جدا..كلتاهما قدمتا من بعيد فمأساة أسر الشهداء لم تستثني منطقة دون الأخرى إجتمعتا  بالعاصمة الرباط لتخليد ذكرى الشهيد. الثامن من نونبر... جمعتهما قصة حزن و ألم و معاناة..كلتاهما ترملتا في سن صغيرة و تحملتا ما تحملت من أعباء الحياة. أطفال صغار بدون معيل.. فالمعيل استشهد دفاعا عن حدود بلاده و حفاظا على أمنها..و الدولة تركت تلك الأرملة و صغارها بدون رعاية عرضة للأهوال .حتى الرجال ينكسرون أمامها..ما ترونه في الصورة لذاكرتين كل منهما تحمل ذكريات لو خطها كاتب على ورق لأبكتنا دما... كلتاهما تحملتا خذلان الدولة لأسر الشهداء و عدم وفائها بوعدها للجندي بأن يذهب إلى الحرب وهو مطمئن على أسرته..أي إطمئنان هذا الذي اغتصبتم فيه طفولة أبنائه و احرقتم انوثة نساء في زهرة شبابهن..أي إطمئنان تقصدون...هل هو ترك آلاف العائلات عرضة للتشرد و التسول..لولا عزيمة و قوة إرادة امهاتنا و أنفتهن و كبريائهن لكنا اليوم في الشارع نمتهن مهنا وضيعة او نستجدي المارة ...كيف يمكن تكريم مثل هكذا أمهات..حتى لو منحتهن أوسمة العالم و نياشينه لن تعوضوهن عن ليلة من ليالي البؤس او عن يوم من ايام الدموع و الإنكسار و العجز..لن نفيهن  حقهن مهما فعلنا...امي و ام كل واحد من أبناء الشهداء هي الوحيدة بعد الله التي لها الفضل في إخراج جيل من يتامى البلاد تميزوا بالتفوق و  الثبات و القوة رغم مرارة اليتم ...ساندت أبناءها في السراء و الضراء و لم تتخلى عنهم يوما..كفلتهم بدل الدولة رغم ضعفها و أميتها و فقرها..لكنها كانت أقوى من الدولة و اغنى منها و اكثر مراعاة للمسؤولية  سيدة تستحق ان تخلدها كتب التاريخ و تدرس حياتها في الجامعات و تلقن سيرتها للأجيال القادمة ليتعلموا منها معنى  الكفاح الذي خاضته لأجل إيصال ابنائها إلى بر الأمان وحيدة و الذي هو أنبل تضحية يمكن أن يقوم بها الإنسان..نحن أبناء الشهداء من صلب رجال أبطال و امهات من حرائر نساء الأرض نقر أن امهاتنا لسن كباقي الأمهات فبفضلهن حفظ ماء وجه الدولة و حملن حملها و قمن بدلها بواجب كفالة أيتام الشهداء   و نقول بصوت واحد أننا على العهد باقون إلى حين استرجاع حقنا المسلوب و نخرج من دائرة التهميش التي حوصرنا فيها على مدى ازيد من  أربعين سنة..سيعلم المغاربة جميعا ان حماتهم و بناة الحزام الأمني من سقوا رمال الصحراء بدمهم لأجل وحدة البلاد قد تشرد ابناءهم و اراملهم بلا سكن و لا تعويض مادي ولا جبر ضرر معنوي ..منسيون سنحي ذكراهم و نعيدهم إلى الواجهة لكي لا نخذلهم كما فعلت بلادهم....( الصورة تجمع أرملة الشهيد بوشان من مدينة سلا و أرملة الشهيد داهي من مدينة العيون)...اللهم ادم وجود أمهاتنا  في حياتنا و ارحم من توفين  منهن و  ارحم آباءنا الشهداء يا رب...

ميمونة داهي
عضوة المكتب الوطني للجمعية
الوطنية لأسر شهداء ومفقودي واسرى
الصحراء المغربية