سلسلة ابطال، رموز ملاحم حرب الصحراء

الشهيد حشي محمد 
شهيد الجيش المغربي، وشهيد القضية الوطنية، ولد سنة 1945 بايت سيدي لعربي ،الحمام ،اقليم خنيفرة. التحق بالقوات المساعدة سنة 1968 "كمخزني"  وعمره 23 سنة وكله امل في الدفاع عن الوطن ،وتكوين اسرة والعيش في كنفها .إلا أن الأقدار اختارته ليكون من بين شهداء حرب الصحراء في 12-01-1976 مخلفا وراءه أرملة وثلاث بنات. اكبرهن كانت أنداك تبلغ ثلاث سنوات، الثانية تبلغ سنتين اما الثالثة فتركها جنين. 
هذه الأرملة وجدت نفسها مسؤولة عن بنتين وجنين وتسال عن زوجها الدي انقطعت اخباره في ضل انتشار اخبار عن اندلاع حرب طاحنة في الصحراء بعد المسيرة الخضراء ليتأكد لها استشهاده بوصول رسائل من بعض الأصدقاء الناجين من المعركة بعد ستة أشهر ونصف من الغياب. لتبدأ مرحلة جديدة في حياتها لكن الغريب في الامر أنداك هو الحرمان من العزاء والبكاء لان قضية الصحراء كانت طابو، لتبلغ رسميا باستشهاد زوجها سنة 1978 ولتشمر على ساعد الجد بعدما وجدت نفسها في متاهة دون سند من الجهات الوصية والمسؤولة. لتجمع بين شخصية الرجل وصلابته، وشخصية المرأة وحنانها، راكبة موجة عالية حطت بها في المجهول. الارملة المسكينة تذوقت مرارة العيش ومشاكلها وهي في سن صغير (فقدان الزوج وتربية البنات) في غياب تام لمن كان زوجها يقاتل لأجلهم، وهذا هو حال كل ارامل شهداء حرب الصحراء، كلهن يعشن واقعا اغرب من الخيال.
ما كان لأسرة الشهيد من هده التضحية والمعاناة إلا كلمة "" شهيد "" ضلت حبرا على بطاقة تمنحها مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء المحاربين وقدماء العسكريين، هذه المؤسسة التي خلقت لتنهض بهذه الشريحة، الا انها زاغت عن هدفها وانعرجت عنه، كما أن الواقع عراها ليتبين انها مؤسسة مشلولة ولا ترقى لتطلعات هذه الشريحة. والاكثر من هذا لا تستحق تسمية صاحب مقولة "" على الجندي أن يذهب للحرب وهو مطمئن على أسرته "" مقولة المغفور له الحسن الثاني. فإقران هذه التسمية بهذه المؤسسة تصغير لهذه الشخصية الكرزمية .
بالحبر بهدل المسؤولون والوطن الشهيد الذي وهبهم كل شيء، فاستغنوا عنه وتنكروا لجليل تضحياته. ليكون بذلك الارامل والابناء اول الضحايا الذين لم تقتلوهم ولكن تركتموهم يعيشون مذبوحين بخنجر خيانة دم الشهيد. وخير دليل تاريخ صدور و محتوى القانون رقم 97-33 المتعلق بمكفولي الأمة (ج. ر. بتاريخ 21 جمادى الأولى 1420 - 2 سبتمبر 1999), الدي ينقص و يقزم من تضحيات الشهيد والدي لا يطبق رغم اجحافه و يقصي عدد كبير من أبناء الشهداء لان جلهم سنة 1999 تجاوز عمرهم 20 سنة ومن بينهم بنات الشهيد حشي محمد رحمه الله.

لنخلص بأن السياسة الأحادية الفاشلة والتهميش والاقصاء الممنهج، هو الحقيقة المطلقة في ضل الأوضاع النسبية التي تعيشها اسر من زرعوا بذور الوطنية الحقة، وتجدروا في إغناء وتعميق روح المواطنة والوطنية. (هم علموا الأجيال معنى التضحية وأنتم علمتموهم معنى الخذلان ونكران الجميل). الا أن محصول ما زرع سلب منهم لينسب لمن لا يستحقون أن يكن لهم أي إحساس، حتى الكره لا يستحقونه لأنه احساس. 
أنصفوا هذه الشريحة أو اقتلوها وخلصوها من خيبة الأمل والبؤس الناتج عن سياساتكم التي كرست العنف الرمزي على هذه الفئة والذي سيكون له وقع وعواقب وخيمة وخطيرة على معنويات كل مكونات الجيش وكل أطياف المجتمع المغربي.
نطلب العلي القدير أن يبلوكم بما ابتلينا به نحن، وترجع بنا الاقدار ونكون نحن هم المسؤولون واصحاب القرار ليوم واحد فقط، ليس لنشمت فيكم، بل لنقوم بواجبنا اتجاهكم ولن نخذلكم كما فعلتم انتم، ونعطيكم دروسا في التعامل مع الشهداء وما يستحقونه، حتى تتأكدوا بأن الوطنية ليست مجرد شعارات نستغلها ونتبجح بها بشكل مناسباتي، انما هي شعور وإحساس بقوة الانتماء إلى الوطن وبدل كل غالي ونفيس للدفاع عنه، حتى تعلموا أنه اذا ضاع الوطن، ماتت الروح وذل الجسد.


    الدكتورة تورية حشي
   عضوة المكتب الوطني 
 للجمعيةالوطنية لأسر شهداء
ومفقودي واسرى الصحراء المغربية