فادى عيد*
اسلاميون كييف و الاويغور احدث اصدارات واشنطن


بالتزامن مع اجراء الانتخابات البرلمانية التركية الاخيرة أعاد حزب العدالة و التنمية سيناريو سفينة مرمرة لقطاع غزة و فيلم " أردوغان المدافع الاول عن مسلمي الارض " كلاكيت تاسع مرة، و لكن لم تحظى مرمرة الاخيرة أى أهتمام كسابقتها بحكم أن الفيلم أصبح رخيصا و عرف جميع المشاهدين بدايته و نهايته و حقيقة ممثليها، و بعد انتهاء الانتخابات فتح اردوغان ساحة تصفية المعارضين و الخصوم الحاليين و السابقين و كان فى مقدمتهم رئيسه السابق و صديقه عبد الله جول الذى اتهمه اردوغان بالخيانة و الجبن، بعد أن طالب عبد الله جول أن يراجع النظام الحاكم سياسته تجاه دول الشرق الاوسط بالاخص مصر و ليبيا و سوريا، و الى هنا لم يكتفى العثماني بتصريحاته التى اعتاد فيها توجيه السباب الى خصومه او حتى أصدقاء الامس و التدخل فى شئون الدول الاخرى حتى بدء أردوغان يفتح حرب تصريحات جديدة ضد جمهورية الصين الشعبية بسبب سياسات الصين ضد مسلمي الاويغور بأقليم شينغيانغ تركستان الشرقية، و تلك المواجهة المباشرة لما يقدم عليها أردوغان الا بعد أن وجهت بكين تهم صريحة الى النظام التركي و رئيس وزرائه رجب طيب أردوغان بدعم مسلمي الاويغور و ارسالهم للقتال مع تنظيمات اصولية متشددة كتنظيم الدولة الاسلامية بالعراق و الشام داعش، و هنا بدأت وكالة الانباء الصينية مع بداية الاسبوع الحالي تبرز تصريحات مسوؤلين لدى الحكومة الصينية خاصة بتحركات مسلمي الاويغور نحو تركيا لحصولهم على وثائق هوية تركية من دبلوماسيين أتراك مقيمين بدول جنوب شرق آسيا ثم ينتقلون بعدها إلى معسكرات شرق تركيا المعدة من قبل لتدريب الجهاديين القادمين لتركيا من مختلف انحاء العالم لارسالهم بعد ذلك الى سوريا و ليبيا، ثم صرح مسوؤلون بالشرطة الصينية عن أشتباههم فى 13 فرد من مسلمي الاويغور العائدين من تركيا الى تايلاند فى ارتكاب اعمال ارهابية بجانب مجموعات اخرى سافرت الى تركيا و انضمت الى داعش، قبل أن يتم ترحيل اكثر من مئة فرد من مسلمي الاويغور من تايلاند الى الصين و بعد ان باتت بكين تراهم عبئا ثقيلا على أمنها القومي .

التوتر الحالى بين بكين و أنقرة ليس وليد اليوم و اذداد بعد السياسة التى أنتهجتها أنقرة ضد نفوذ الصين بالشرق الاوسط و أفريقيا و هى التحركات التركية التى تصب فى صالح الولايات المتحدة الامريكية و تضرب بمصالح الصين بالاقليم و هو نفس الامر مع روسيا، و لكن الفرق بين توتر أنقرة ( أحدى أهم أذرع حلف الناتو و منفذ سياسيات و اشنطن بالمنطقة ) مع كلا من بكين ( منافس واشنطن الاول أقتصاديا و الثانى عسكريا بعد موسكو ) و روسيا ( المنافس الشرس بحروب الثورات الملونة بالشرق الاوسط ) بأن أنقرة تربطها مصالح أقتصادية ضخمة مع موسكو اما العلاقات مع بكين فهى تزداد فتور منذ عام 2008م دون مصالح حقيقية يبقى عليها أى طرف سواء من بكين أو انقرة .

ايغور تركستان، تتر القرم، مسلمي البلقان و القوقاز كانو بالنطاق الجغرافي الاول للتبشير بالعثمانية الجديدة بعام 2003م وقت تولى هاكان فيدان وكالة التنمية و التنسيق التركية ( أول ذراع استخباراتى بزي مدنى لحكومة حزب العدالة و التنمية )، و بعد جلب أنقرة مؤخرا للعديد من الايغور للدفع بهم فى كتائب داعش بسوريا باتت توجه الايغور ضد بكين نفسها ( كما صرحت وكالة الانباء الصينية بداية الاسبوع الحالى ) و تتر القرم و اسلاميين اوكرانيا ضد موسكو، و قد سبقت دار الافتاء فرع وكالة الاستخبارات الامريكية تلك الخطوة التركية بانهاء  تخرج دفعة جديدة لقيادة زمام الامور بتركستان و اوكرانيا منذ أسابيع قليلة .
و بعد التوصيات التى قدمها  جون كيربي للحكومة الاوكرانية بات لدينا كتائب ممزوجة من الاوكران النازيين و الاسلاميين الاصوليين باوكرانيا جاهزة لخوض المواجهة ضد روسيا على غرار الجهاديين الافغان بالامس، و لا تنسو ان اكثر من خسر بضم روسيا للقرم كانت أنقرة نفسها و قبل واشنطن و اتباعها بكييف .

أن اخر اوقات استقرار كييف كانت بيناير 2014م و من الان فصاعدا لان ترى كييف لحظة هدوء واحدة حتى، فهى أصبحت ملعب به المتصارعون أكثر من المتفرجين أنفسهم، يكفى ان بتلك الحلبة الاستخبارات الامريكية و البريطانية و الفرنسية و الالمانية و الاسرائيلية و التركية و الروسية فى وقت واحد، فرسم لكييف أن تكون ساحة لاستنزاف موسكو دون الاهتمام بنزيف أوكرانيا المستمر .

خلاصة القول ان واشنطن باتت تضخ دماء جديدة لدواعش المنطقة خاصة بسوريا و ليبيا، و أن أنقرة منفذ مخططات واشنطن الاول بالاقليم بالتعاون مع البنك المركزي لمشروع الشرق الاوسط الجديد الا و هى الدوحة و بعد الزيارة المفاجئة من تميم لتركيا و اجتماعة مع اردوغان مساء الاثنين الماضى بقصر هوبر صارو فى تنفيذ المرحلة الجديدة على الارض، و بعد أن كان الاسلاميون موجهون ضد مصالح و نفوذ موسكو و بكين بالشرق الاوسط و غرب افريقيا ( اى توجيه ضربات غير مباشرة خارج حدود الدول ) ظهر لنا تنظيم خراسان لكي يهدد بشكل مباشر الامن القومى لدى كلا من موسكو و بكين داخل حدود اراضيهم، و هنا نحن نغلق صفحة الحرب الباردة و علينا ان نتطرق لمرحلة الصدام المباشر و انتظار احراق الارض بمن عليها .


فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط