www.almoharib.com
الحرب في مالي
يبدو أن الأزمة في مالي فرضت حسابات جديدة على المغرب والجزائر، فقد حاول كل طرف إستثمار الأزمة لأقصى حد، من أجل ترسيخ هيمنته على الصحراء،
وتحرك البلدان في عدة اتجاهات، تجاوزت مالي و أزمتها ،وحولتها إلى مبرر فقط،تأكيد الجزائر على مشاركتها كان منطقيا باعتبار الحدود المشتركة ومصالحها هناك، كما أنها إستغلت الأزمة لتثبيت الجزائر كشريك أمني مهم للغربيين، فقد فتحت الجزائر أجواءها الجوية لأول مرة منذ إستقلالها للطيران الحربي الفرنسي ،ولهذا دلالته البالغة في العلاقات بين البلدين، كما أضيفت قاعدة أمريكية  جديدة بحاسي مسعود، لتصبح الثانية من نوعها بعد قاعدة تامرناست، القاعدة الجديدة أضرت بالدور المغربي باعتبارها كرست السيادة الجزائرية في حاسي مسعود،كما أنها سحبت البساط من تحت قاعدة طانطان، وكأن الجزائر تقول للمغرب إذا تنازلت للغرب خطوة سأتنازل خطوتين،لكن كل هذه الخطوات تعتبر شيئا ما  عادية، لكن ما يعتبر مثيرا للجدل هو الإنزال الكثيف للقوات المسلحة الجزائرية تجاه الجنوب  نحو المنطقة العسكرية السادسة، وإنشائه لمواقع ومنشئات عسكرية،بعضها جاء مقابلا للحدود المغربية ،قد يبدو الأمر مبررا ونقول أن كل ذلك استعدادا  لأي تطورات عسكرية على الجانب المالي،لكن إذا علمنا أن الجزائر قامت بترسيم أزيد من 200 كلم من الحدود مع المغرب من جانب واحد وقد ترسل الملاحق إلى الأمم المتحدة،هنا يظهر أن الجزائر تستغل جيدا ملف مالي لتحقيق مكتسبات إستراتيجية بعيدة المدى من أجل إضعاف المغرب،في حين يبدو الدور المغربي محتشما ومرتبكا وغير واضح،فقد أعلن المغرب أنه لن يشارك في أي عمل عسكري على مالي وأبلغ عدة أطراف بذلك لكن يقوم بإحتضان إجتماعات، قيل أنها للتنسيق وتبادل وجهات النظر ،طبعا لا يمكن إغفال الدور المغربي خصوصا الدور السلس عبر الإستخبارات، علما أنه فتح قنوات للإتصال مع عدة أطراف، لكن تشابك الملف بين الأمازيغ الأزواديين والطوارق والإسلاميين وكلها روافد لها إرتدادات على المغرب سواء في ملف الصحراء أو ملف الأمازيغية أو حتى على التوازنات الهشة في المنطقة ، مما فرض على المغرب التعامل بصمت مع هذا الملف الذي ستطال شضاياه الجميع شاركوا أم لا ،لكن الحقيقة الواضحة هي أن ازمة مالي  وحتى محاربة الارهاب هي مجرد شماعة ومبرر لكل الاطراف من أجل ايجاد موطئ قدم في المنطقة،  مما يؤشر على أن التدخلات ستطول وستحضى بطابع الديمومة، لأن هناك من سيعمل على تدعيم أطراف النزاع لإشعال فتيل الأزمة ،من أجل اطفائها من جديد بطريقته ،ويبقى المغرب في وضع حرج،فإذا تدخل التحالف الدولي بمشاركة الجزائر وحسم الأمر ستترسخ الهيمنة الجزائرية في المنطقة وتزداد خبرات الجيش الجزائري وتمرسه الميداني وهذا الإحتمال في غير صالح المغرب،وإذا ما فشلت الجزئر ومن معها في حسم الموقف ستتغول الجماعات الإسلامية الجهادية في الصحراء وسيتم إضعاف هيبة الجيوش النظامية في المنطقة وهذا كذلك إحتمال سيئ للمغرب لأن الجزائر تحمي الجدار ووقف إطلاق النار وتحول دون نشوب حرب مع البوليساريو عبر الخطأ وأخر عملياتها كان إحباط الأمن العسكري الجزائري لعملية محجوب سيدي محمد سيدي،وعلى كل حال الأوضاع في الصحراء لن تستمر على ما هي عليه.الأمن القومي المغربي