http://www.almoharib.com/2012/06/blog-post_15.html
مسارات المجلس الأعلى للأمن
 لقد جاء الإعلان عن المجلس الأعلى للأمن القومي المغربي في ظل فراغ مهول في البنية الدفاعية والأمنية في المغرب،وكان ذلك الجواب الذي انتظره كثيرون ،فكما هو معروف لا يزال المغرب لا يتوفر على وزارة للدفاع يمكن محاسبتها كقطاع،ومعروف أيضا عدم توفر المغرب على هيئة عسكرية للتوجيه المعنوي وبالتالي مطلوب الآن  من  المجلس الأعلى للأمن ملئ ثلاث فراغات أساسية:

+الفراغ الأول وهو الدور الأساسي المنوط  به عبر التفكير في الإستراتيجيات الأمنية المتوسطة والبعيدة المدى والتأسيس لرؤية أمنية للمغرب، عقلانية وتشاركية،بدل الرؤية الأحادية ،لأن في الأمن القومي من إعتمد على نفسه كل ووهن ،ومن إعتمد على عقله وحده ضل،وكما نقول باللغة العامية-لي كيحسب بوحدو كيشيط ليه-أي لا بديل عن التداول والتشارك ،وهذا ما ظهر في ملف الصحراء ،التي أضعنا فيها من المال والدم ما لا يحصى ولم نحصل لحد الآن على نتائج ملموسة ومرضية بل هناك تراجعات على عدة مستويات.
+الفراغ الثاني المطلوب من المجلس الأعلى للأمن ملئه هو فراغ وزارة الدفاع التي لا نتوفر عليها،عبر إرساء قواعد صارمة لردع الفاسدين الذين تتجاوز خطورتهم خطورة جبهة البوليساريو في نظري الشخصي،طبعا كل السلطات العسكرية بيد الملك باعتباره رئيسا لأركان الحرب العامة،وهذه مزية ،لكن هناك من يعمل على تسويس ونخر الجيش والأجهزة الأمنية من الداخل  عبر فساد يصعب أن تجد مثيلا له،خصوصا في بعض المراحل ،حيث تفشت الرشوة وأصبحت ثقافة وكثرت الزبونية وأصبح الكثير يلهث وراء الاغتناء ،بل وأن البعض تجاوز الخطوط الحمراء للأمن لقومي عبر السماح للسماسرة والفاسدين في الداخلية والدفاع  من توزيع الحقوق على بعض أسر الشهداء وحرمان البعض الاخر لاعتبارات عنصرية وحقدية ،والتعامل بعنصرية مع الشهداء،مما جعل المغرب يؤدي ثمن ذلك غاليا من معنويات قواته العسكرية ،هذا السلوك الذي يعتبر في نظري  أخطر عمل يمكن القيام به ضد الدولة  بعد الانقلاب العسكري ،طبعا يصعب ملئ الفراغ الذي تتركه وزارة الدفاع،لكن على الأقل إن كانت هناك جدية في العمل وحركية على مستوى القوة الإقتراحية  وحس بالمسؤولية ،بعيدا عن الجمود الوقح والإستكبار الأمني والغرور،يمكن ملئ الفراغ ولو نسبيا.
+الفراغ الثالث المطلوب من المجلس الأعلى للأمن القومي ملئه هو عدم توفرنا على هيئة عسكرية للتوجيه المعنوي ،ففي ظل الحرب الشعواء التي شنها الفاسدون على   المغرب  أصبح التفكير في معنويات الجيش والأمة أمرا حيويا يقض مضجعنا،بإعتبار أن الإستعداد للحرب ليس فقط بتجنيد الجنود وشراء السلاح بل الحرب بالدرجة الأولى هي عقيدة عسكرية ومعنويات وإستعداد نفسي ،فلا معنى لجندي مسلح وهمته ونفسيته محبطة أو غير واثق من مصير أسرته بعد موته،وعلى هذا الوثر وجب على المجلس الأعلى للأمن التركيز ،طبعا من خلال العمل على المستويات الأربعة للتكوين المعنوي للجنود وبالخصوص على المستويين الروحي والمعيشي للجندي البسيط،عبر إطلاق يد أجهزة الإستخبارات لردع أباطرة الفساد والتعامل معهم كعدو لأنهم يقدمون خدمات جليلة للأخر من حيث لا يدرون، فالوضع الحالي للبلاد لا ينسجم مع ما  يطمح إليه المغرب،فلا معنى لأجهزة  استخبارات تجمع المعلومات وتعرف كل التفاصيل ويدها مقيدة ،وفي هذه النقطة بالذات يستحسن تعيين شخص من هذه الأجهزة كمنسق للمجلس الأعلى للأمن القومي من أجل تحقيق كل الأهداف بضربة واحدة،باعتبارها مصلحة وطنية عليا وباعتبارها مطلبا شعبيا كذلك ,فقد لاحظنا من خلال استطلاعات أن العديد يميلون لهذا الخيار, أي تعيين شخص من أبناء الأجهزة سواء الحزام الأخضر أو المستندات   والابتعاد ما أمكن من السياسيين والشخصيات العسكرية لأن هناك حقيقية يجب مواجهتها بكل صراحة وهي أن هامش الثقة بين الشعب وبين السياسيين وبعض المسؤولين في قطاعات معينة أصبح ضيقا للغاية بما فيهم العديد من أساتذة الجامعات وقيادات عليا في قطاعات معينة  فقد ضاق كثيرا مجال الاختيار .
طبعا جاء الفصل 54 من الدستور الحالي مشيرا إلى  أنه يُحدث مجلس أعلى للأمن، بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة. أما رئاسته فهناك تنصيص على ما يلي: يرأس الملك هذا المجلس، وله أن يفوض لرئيس الحكومة صلاحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس، على أساس جدول أعمال محدد. أما عضوية المجلس يشير الفصل 54 من الدستور الجديد إلى التركيبة التالية: يضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، علاوة على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الوزراء المكلفين بالداخلية، والخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الإدارات الأمنية، وضباط سامين بالقوات المسلحة الملكية، وكل شخصية أخرى يُعتبر حضورها مفيدا لأشغال المجلس. ويحدد نظام داخلي للمجلس قواعد تنظيمه وتسييره.
الفصل الدستوري واضح لكنه مقلق للغاية  على عدة مستويات ،أولا هناك قلق جدي من عدم وجود وزير المالية ،لأن وزارة المالية هي المعنية بتمويل أي مشروع أمني وبالتالي عدم التنصيص على وجود وزير المالية هو أمر غير مفهوم وقد يعطي فهما خاطئا عن مصادر التمويل والصناديق التي تتكلف بالتمويل،الأمر الأخر الذي يعتبر مقلقا هو ترك الأمر التنظيمي لقانون داخلي بدل قانون تنظيمي،لأن هذا الإجراء يهدد القيمة الدستورية للمجلس الأعلى للأمن القومي ولا ينسجم مع الثقل الذي يجب أن يحضى به،على غرار المحكمة الدستورية والبرلمان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي كلها ينظمها قانون تنظيمي لماذا فقط المجلس الأعلى للأمن ترك لقانون داخلي،الأمر الثالث المقلق هو التنصيص على أن المجلس يضم شخصيات عسكرية وهنا يجب أن نشير إلى أن  البعض إقترب من التقاعد والبعض في وضع صحي غير مريح وفي عهدهم ضاعت حقوق........ وكان ما كان من ظلم ذوي القربى وجور الزمان،وأتمنى أن تكون الرسالة واضحة في هذا الاطار،أي يجب الإستفادة من تجارب مقارنة مثل المجلس الأمريكي للأمن منذ 1947ومجلس الأمن القومي الإيراني والذي يعتبر تجربة رائدة ،طبعا رئاستها من طرف الملك تعطي الكثير من الضمانات لكن يجب الحذر من أن يتغلغل الفاسدين والظالمين ودعاة الإستكبار في هذه المؤسسة التي ينتظر أن تبت في المخطط الأمني 2013ـ2017،في ظل تحديات كبرى وفي ظل الحديث عن موارد طاقية ،أي سنكون تحت ضغط جبار ويتطلب منه الحسم في ملف الصحراء،والتقرير في إستراتيجية إستحصال سبتة ومليلية و الجزر ، والحسم في إقتراب الصراع حول الدرع الصاروخي من أجوائنا،وفي نظري يجب مناقشة مسألة مشروع نووي سلمي لأغراض طبية وطاقية وإنشاء صناعة عسكرية وطنية ،ومسالة التجنيد الإجباري وإعادة حقوق الشهداء الضائعة إلى مستحقيها .....وعليه يجب التأني كثيرا قبل البث في أي ملف أو قبول أي عضو،لأن المجلس ليس برتوكوليا بل يناقش أمور مصيرية،طبعا يجب كذلك على نواب الأمة إنشاء لجنة للأمن القومي في البرلمان تقوم بدمج لجنة الدفاع الوطني والخارجية  داخلها لتتوازى مع عمل المجلس وتسمح لنواب الشعب بمواكبة السياسة الأمنية والدفاعية للدولة .
وحاصل القول في نظري الشخصي هو أن المغرب وجب عليه الحسم في مخطط 2013ـ2017 في النقاط التالية:
+يجب القطع مع الفساد داخل الأجهزة الأمنية  والدفاعية المغربية والحسم معه بشكل جدي باعتباره العدو الأول الذي ينخرنا من الداخل وهو عدو للأمن القومي المغربي ورد الإعتبار والهيبة للأمن القومي لكي لايتكرر ما حدث مع والي الرباط  السيد مفيد بإعتباره مواطن بسيط و بغض النظر عن منصبه لأن  أثار ما جرى خطيرة على بنياتنا النفسية..
+يجب التفكير في إنشاء صناعة وطنية عسكرية و في مشروع للطاقة النووية للأغراض السلمية وفق ضوابط المنظمات الدولية المعنية.
+الحسم في ملف الوحدة الترابية بكافة السبل بما فيها الدخول في الحرب كخيار منطقي ومعقول لتكسير القيود التي تكبلنا بها الأمم المتحدة ولتفريغ طاقة الغضب الموجودة في الداخل، قبل  أن تنفجر فينا ،والحمد لله رب العالمين.

بنان محمد.http://www.almoharib.com/