أخطاء دفاعية للمملكة المغربية
www.marodefense.com
أخطاء دفاعية للمملكة المغربية
إن محاولتنا رصد بعض الأخطاء المرتكبة من طرف الجيش المغربي، لا ينبع من سوء النية أو من محاولة لتشويه سمعة قواتنا المسلحة ،حاشى حاشى ،وكلا كلا ، بل تدخل هذه المحاولة في الانسجام مع الخطابات الملكية الأخيرة بضرورة  خلق الظروف للنقد البناء وتوفير قوة اقتراحية موازية، نهدف أولا وقبل كل شيء إلى الدفع في اتجاه المزيد من الجدية والصرامة في شؤون الدفاع، وعليه إرتكب الجيش عبر مساره العديد من الأخطاء، التي تعتبر عادية، باعتبار الذين يسيرون هذا الجيش بشرا وليسوا ملائكة، لكن يجب الإشارة إليها للاستفادة من هذه الأخطاء وأخذ العبر،  لكن هناك خطأ يعتبر جسيما ،ووجب  فتح تحقيق فيه، ومحاكمة مرتكبيه،  وسنشير إليه في نهاية المقال، فقد قلنا ارتكب الجيش المغربي في نظري العديد من الأخطاء، والتي أثرت بشكل كبير على فعاليته وسمعته داخليا وخارجيا، كما إن هناك أخطاء وقرارات لازال المغرب يتحمل تبعاتها  لحد الآن، بل وهناك من الأخطاء ما أصبح عقدة مركزية لدى بعض الجيوش الأجنبية،  فمثلا زحف الجيش المغربي داخل التراب الجزائري  في حرب الرمال سنة 1963، في فترة كانت الجزائر حديثة الاستقلال، ولم تستكمل بعد بناء كافة تشكيلاتها العسكرية ، جعل الجزائريين يحسون بالمهانة والإذلال ، هذا الشعور أصبح لحد الآن عقدة مركزية لدى كافة القيادات العسكرية للجيران ،يتوارثونها جيلا بعد جيل،  بحيث أعطت الإنطباع بأن المغرب بلد توسعي، وأنه طال الزمن أو قصر سيزحف نحو الشرق، وما زاد من ترسيخ العقدة هو رفض المغرب المصادقة على إتفاقية ترسيم الحدود لسنة72 ،مما دفع   الجزائريين لتبني البوليساريو ودعمهم كشكل من أشكال الإلهاء لكي لا يلتفت المغرب إلى الشرق أبدا ، وهنا نلفت المجلس الأعلى للأمن القومي المغربي  أن حل مشكل الصحراء يتواجد شرق المغرب وفي الريف، وليس في الصحراء ،ووجب تجديد عقيدتنا العسكرية لتتماشى مع هذا المعطى، لأن التحركات الحالية  في ما يخص ملف الصحراء لا معنى لها٠ 
كما أنه من الأخطاء الشائعة للجيش المغربي، هي الزج به في الصراعات الداخلية،  فدور الجيوش معروف هو الدفاع عن حوزة الوطن، وليس إطفاء المظاهرات والاحتجاجات الشعبية ، ويصبح الأمر أكثر خطورة عندما تكون الإحتجاجات جهوية ، بحيث يعطي الجيش الإنطباع أنه موجود  ضد تلك المنطقة أو تلك ،وهي الصورة التي لا نرغب أن تؤخد عن قواتنا المسلحة ،وما  أقصده هنا هو الدفع بالجيش لإخماد الإحتجاجات في الأقاليم الجنوبية  والأمر نفسه حدث في الريف وفي أحدات كازا وفي إحتجاجات فاس ، الأمر  الذي  أخرج القوات المسلحة عن وظيفتها الأساسية وهي الدفاع عن حوزة الوطن ،وما  نخاف منه هو تكون إنطباع لدى جهة ما، أو فئة ما، أن الجيش موجه  ضدها ،بحيث نرغب في الحيلولة دون تكون  خوف ،أو حاجز نفسي، خصوصا بين سكان الصحراء وأفراد الجيش المغربي ،لأن القوات المسلحة الملكية هي قوات وطنية،  ولكل المغاربة  لأهل الريف كما لأهل الصحراء وسكان العمق وليست موجهة  ضد أي كان، هدفها الأسمى هو الدفاع عن حوزة الوطن في حدوده الحقة٠
كما لا نغفل أحد أهم الأخطاء المركبة أفقيا وعموديا،  ألا وهو الخيانة التي تعرض لها القائد الأعلى رئيس أركان الحرب العامة  من طرف بعض الكوادر العسكرية التي نفذت بعض الإنقلابات الفاشلة،  الشيئ الذي دفع برئاسة أركان الحرب العامة إلى حذف وزارة الدفاع، ومحاولة خلق قوات مسلحة قوية وفي نفس الوقت عدم تشكيلها خطرا على النظام ، الأمر الذي أفرز مناخا مساعدا على تكون الفساد في القطاعات العسكرية، بل وأصبح الفساد يحمي نفسه بالعديد من الفصول في قانون العدل العسكري، والكل أصبح يختبأ وراء شخص الملك، والملك منهم براء، لأن غياب وزارة للدفاع يجعل أي مطالب بالحق، أو أي شخص يفكر في رفع  دعوى، يصطدم مباشرة  بتهمة تشويه سمعة الجيش أو الإساءة للنظام الملكي  وبالتالي الكل في المغرب أصبح مقتنعا أن الفساد موجود لكن لا يمكن لأي كان إصلاحه،  لأن الفاسديين يعرفون جيدا كيف يحمون أنفسهم ومصالحهم٠
أخطاء الجيش المغربي لا تقتصر على التدمير الذاتي للأنا  العسكرية أو على الجوار أو الأجنبي القريب، بل تعداه إلى مناطق بعيدة عنا ولا مصالح لنا هناك، كالتدخل العسكري المغربي سنة 77 في الزايير لدعم الرئيس موبوتو سيسيكو ومواجهة جبهة تحرير الكونكو وجبهة تحرير أنغولا، إلى الآن لم نفهم سبب التدخل،  مع العلم أنه لا مصلحة لنا هناك، كما أننا لا نفهم لماذا نرسل قواتنا العسكربة إلى ساحل العاج الذي تتصارع عليه فرنسا وأمريكا، والمشكل أنه من بين قوات  20 جنسية،  يعتبر الفيلق المغربي الثاني من حيث الأهمية  بعد قوات البنغلاديش  بتعداد يقترب من 730عنصر وفي أخطر منطقة هي منطقة بواكي معقل المتمرديين، فربما قد نفهم لماذا ذهبت قواتنا الى البوسنة، أو الخليج أو حتى التدخل في موريطانيا، لكن أن نرسلها الى الكامبودج أو هايتي فربما لا زلنا غير قادريين على استيعاب الغرض من ذلك. وما يزيد من إستغرابنا هو التقارير الأخيرة التي تحدثت عن إحتمال تكوين قوة قوامها 20 ألف جندي من المغرب والأردن للدفاع عن الخليج وما نتمناه هو أن تكون هذه التقارير كاذبة ، لأنها وفي حال أحدثت هذه القوة فستشكل كارثة بكل المقاييس .
ويبقى الخطأ الجسيم للجيش المغربي والأخطر على الإطلاق والذي يعتبر سابقة في التاريخ العسكري للبشرية ، ويستغرب له الجميع في الداخل والخارج، هو ملف أرامل الشهداء ،خصوصا ملف التأمينات، بحيث تعرضت العديد من أسر الشهداء لعملية بشعة،  حيث تم حرمانها من حقوق التأمين والتي يضمنها القانون المغربي لأسر الشهداء والتي كانت قبل 89 عينية وأصبحت مادية بعد 89، ملف تظافرت فيه مجهودات جبارة من طرف جهات من  المصالح الإجتماعية ووزارة الداخلية والإستخبارات وبعض السماسرة المدنيين  من أجل طمس الملف، بل وتعدى الأمر ذلك إلى قمع حتى من يحاول فتحه، وبإمكانيات الدولة المغربية، واللافت هو أن هاؤولاء الشهداء ماتوا وهم يقاتلون مع المغرب، وتركوا أسرهم أمانة في يد الدولة المغربية وفي يد هذه الأجهزة الجبارة، والتي كان من المفروض أن تستغل قوتها من أجل حماية أرامل الجيش وأبنائهم ، بدل التنكيل بهم وتوفير الحماية للمفسدين ،مما شكل أكبر مشروع لإحباط معنويات الجيش المغربي في وقت السلم، وهي جريمة يعاقب عليها القانون لو كانت هناك صرامة ، والغريب أن هناك جهات نافذة وجبارة  وغير معروفة بدلت مجهودات منقطعة النظير من أجل طمس الملف الذي لا يتقادم بمرور الزمن ،هذه الجهات المشبوهة  تتحدى بشكل علني توجيهات جلالة الملك القاضية بإغلاق ملف أرامل الجيش، بل وتتحايل بأساليب صبيانية قذرة حتى على الرئيسة التسلسلية العليا للمصالح الإجتماعية للجيش المغربي، والتي حين عينها المرحوم مولاي الحسن على رأس أكثر الأجهزة حساسية  من حيث توجيه  معنويات الجيش، كان قد أوصاها وصيته المشهورة ؛ يجب ان يذهب الجندي الى الحرب وهو مطمئن على أسرته ،ومن خلال العديد من المعطيات الملموسة  نعرف جيدا أن الأميرة تحرص  بجدية بالغة على تنفيذ الوصية، لكن بؤر الفساد والتضليل لازالت قوية وتعرف جيدا كيف تناور، إن ما يؤلمنا في هذا الملف هو أنه إستمر أزيد من 20 سنة، وبدل أن تبدل الدولة مجهودات من أجل حله ،نجدهم يبدلون مجهودات مظاعفة من أجل طمسه ، مما يثير الكثير من الشكوك حول الأهداف الحقيقية من وراء ذلك، وهل يخدم هذا السلوك أجندة معينة، لأن إذا ما تم تكييفه قانونيا فهو أولا  المشاركة في مشروع لإحباط معنويات الجيش، وهو إخلال بالواجب بل وهناك مجموعة من المهتمين بالملف  على الأنترنيت من العديد من دول العالم  إعتبروه جريمة حرب بإعتبارها ارتكبت من طرف عسكريين في حق عسكريين ومنذ فترة الحرب رغم أننا لا نوافقهم الرأي ومهما كان لا نرضى وصف ظباطنا بهذا الوصف وحاصل القول هو أن إستمرار هذا الملف يعتبر تهورا غير محمود العواقب على أمننا القومي ،ويكفي أن نعلم أن الجزائر التي ننعثها بفساد جنرالاتها، و حتى البوليساريو لم يجرؤ فيها أي كان ومهما كانت رتبه، على حقوق يتامى الجيش، ولم تسجل أية حالة تنكيل لا بالأرامل ولا بيتامى الجيش ،  ويجب غلق الملف عاجلا.  بسم الله الرحمان الرحيم  إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا.والحمد لله رب العالمين.www.marodefense.com

  مهتم بشؤون الأمن القومي.نشر في أسبوعية ما وراء الحدث عدد 44