www.marodefense.com
العقيدة العسكرية للمغرب

www.marodefense.com
العقيدة العسكرية للمغرب

إن العقيدة العسكرية لجبهة أو دولة أو أمة هي مجموعة من القيم والمبادئ الفكرية والروحية التي تهدف إلى إرساء نظريات العلم العسكري وعلوم فن الحرب والقتال من اجل توجيه بناء واستخدام القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات في زمن السلم كما في حالة الحرب بما يحقق الأهداف الوطنية ،ووجب الإشارة إلى انه لا ينبغي الخلط بين العقيدة العسكرية وبين مفاهيم مشابهة مثل العقيدة القتالية التي ترتبط بالمستوى التنظيمي،وكذلك مصطلح عقيدة القتال المرتبطة بالمستوى التقني والغير مستقرة أبدا ،ولا يجب الخلط كذلك بين العقيدة العسكرية والعقيدة الشاملة للدولة التي تعتبر العقيدة العسكرية فقط جزءا من أجزائها بحيث أنها إطار جامع لمجموعة من التعاليم والقيم السامية والمبادئ السياسية والعسكرية والاقتصادية و الاجتماعية والمعنوية و العلمية التي ترسخت بالتراكم في وجدان وضمير شعب معين .
فهل للمغرب كدولة لها عمق تاريخي كثيف ،عقيدة عسكرية ؟وما هي مرتكزات هذه العقيدة ؟.
طبعا للمغرب عقيدة عسكرية أصيلة ولم تتغير في جوهرها منذ قرون ،عقيدة منسجمة تماما مع طبيعة العمق الإستراتيجي للمغرب وشكل الدولة المغربية وطبيعة نظام الحكم السائد ،هذه العقيدة العسكرية المغربية لها مرتكزات مهمة منها :
_الوحدة الترابية هدف وجودي مستمر ،لقد شكلت الوحدة الترابية المغربية أساس العقيدة العسكرية للمخطط العسكري والإستراتيجي المغربي منذ العصور القديمة أي منذ جوبا وبطلموس وإلى الأن لم تتغير هذه القاعدة إلا لأغراض تكتيكية ،هذه القاعدة أصبحت تشكل هاجسا لكل المخططين وصناع القرار العسكري لدى الجيران في الشمال والشرق ،إذ منذ ظهور الدولة في المغرب لم تعش بدون مشاكل حدودية ولن تقدر في نظري على العيش بدون مشاكل حدودية ولو حتى مستقبلا،لأنه ولو افترضنا أن المغرب حصل على الصحراء وأدخل الصحراويين في النسيج المغربي وبدا في استغلال الثروات ،فهذه ليست النهاية ،بل البداية فمازال مشكل سبتة ومليلية والجزر في الشمال على الأقل وهناك الصحراء الشرقية التي تشمل اغلب الغرب الجزائري الان وبعدها سيظهر النقاش حول هل كان المرحوم مولاي الحسن محقا حين اعترف بشنقيط أو على الأقل جزء منها ،فمن المستحيل على أي نظام مغربي الآن أو مستقبلا أن يتجاهل الوحدة الترابية للمغرب كخيار وجودي ،إنها دكتاتورية العقيدة العسكرية ودكتاتورية الجغرافية التي تؤطر أي توجه خصوصا تركيزنا على سلاح البر،ويصعب على أي حاكم للمغرب أن يتجاهل حقوقنا الترابية .

_المرتكز الثاني للعقيدة العسكرية للمغرب هو محورية النظام الملكي كقيادة عليا للجيش ،بحيث أن جل أفراد الأسرة الحاكمة البالغين لهم مناصب عسكرية،هذا الارتباط العضوي بين الأسرة المالكة والجيش جعل الأمر يختلط على الناس بين قدسية الجيش وقدسية شخص الملك مما جعل أباطرة الفساد داخل الجيش تستغل هذه الثغرة من اجل تنفيذ عمليات في حق الأمن القومي المغربي بصورة أضرت كثيرا بسمعة الجيش خصوصا ما يعرف بملف تأمينات الشهداء والتي تم الاستيلاء عليها من طرف جهات مشبوهة ،أساءت للجيش وللأسرة الملكية ولسمعة المغرب بحيث أصبح من الصعب نعث القيادات العسكرية في الجزائر أو تندوف بالفساد في الوقت الذي نفذت فيه لدينا ممارسات في حق التأمينات وأرامل الجيش ،غاية في الوحشية والسادية ،مما يفرض على المخطط العسكري فك الارتباط بين الجنرالات والاستخبارات العسكرية والمحكمة العسكرية لأنهم لا يجب أن يكونوا خارج المراقبة والمحاسبة وفي هذا الإطار نثمن عاليا قرار تعيين مدني، صارم ومتدين، على رأس لاديجيد.لأن وجود الملك كقائد أعلى للجيش أمر إيجابي جدا ونقطة قوة في أمننا القومي لكن لا يجب السماح لأي كان ،مهما كانت رتبته أن يستغل قداسة شخص الملك آو هيبة الجيش من أجل الأضرار بأمننا القومي سواء عن قصد أو غير قصد .
_ المرتكز الثالث في العقيدة العسكرية المغربية هو تفاعل بين الوازع الديني والوطني داخل أسلاك الجيش المغربي ،إذ ورغم أن شعار المغرب المدني والعسكري هو الله الوطن الملك ،إلا أننا بدأنا نلحظ في السنين الأخيرة توجه الدولة في اتجاه إبعاد الوازع الديني لصالح الوازع الوطني بحيث أصبحت أجهزة الجيش أكثر نضجا و أكثر واقعية إذ يمكن التعامل عسكريا حتى مع إسرائيل إن اقتضى الأمر ذلك بغض النظر عن الدين ،ومن مظاهر غلبة الوازع الوطني على الديني هو السماح للجنود فقط بالدين كممارسة شعائرية أي الصلاة والصوم...لكن مثلا من تكاثفت لحيته أو مارس الشعائر بشكل ملفت ...فإن الدولة قد تتضايق ،ونفهم تخوف الدولة من تسرب حركات دينية إلى الجيش بحيث يبقى الولاء فقط للقائد الأعلى الذي هو رئيس أركان الحرب العامة وفي نفس الوقت أميرا للمؤمنين ،وهذا ما يفسر القرار الملكي الأخير بإلغاء التجنيد الإجباري في المغرب وحاصل القول في هذه النقطة هو ظهور ارتباك كبير في العقيدة العسكرية للمغرب والعمل يجب أن ينصب في هذا الاتجاه لان هنا يكمن الدينامو المحرك للمعنويات ونتمنى أن يتم تأسيس الهيئة العسكرية للتوجيه المعنوي كما نتمنى من الأجهزة الأمنية أن تقف في وجه تسرب الزوايا الصوفية إلى الجيش بنفس درجة اهتمامها بالحركات الدينية ،كما بجب الوقوف في وجه أي سيطرة للبورجوزبة الفاسية على المناصب الحساسة داخل الجيش والمخابرات على غرار ما حصلت عليه في المجال المدني لأن هذا يخالف عقيدتنا العسكرية التي اعتبرت دائما الجيش وطنيا وليس طبقيا وما يخيفني في هذا الإطار هو الإصلاح الذي سيطال الأكاديمية العسكرية بمكناس منبع أهم اطر الجيش المغربي فرغم أن الإصلاح يحدث في عهد حكومة فاسية إلا أن الإصلاحات يجب أن تراعي مصلحة الوطن العليا وليس مصالح خاصة وقصيرة النظر لان الحرب قادمة لا ريب فيها ،لكي لا نعطي الانطباع للصحراويين أو أهل الريف أو الامازبغ أن الجيش موجه ضدهم ،لان قواتنا المسلحة الباسلة قوات لجميع المغاربة ،هدفها الوحيد الأوحد هو حماية الأمن القومي المغربي وتحصين الوحدة الترابية والوطنية ،فعقيدتنا العسكرية لا تسمح ولن تسمح لا للجماعات الدينية ولا الصوفية ولا للبورجوازيات العائلية مهما كانت درجة التغلغل أن تسيطر على القرار داخل الجيش لان للجيش قائد واحد هو رئيس أركان الحرب العامة،والجيش المغربي يكون أقوى بكل أبناء الوطن، فلا يمكن كسب الحرب إلا بتكاثف الجميع ،أقول قولي هذا لعلمي أن الحرب قاسية ،وقوانينها صارمة لا ترحم المتهاون ، فهي إما سبب لتحقيق الوحدة الترابية وإما تكون سببا في تقسيم البلاد إلى كانتونات ،والحمد لله رب العالمين.الأمن القومي المغربي


،مهتم بشؤون الأمن القومي
مقال منشور بأسبوعية ما وراء الحدث عدد 39 /29يوليوز 2011